رحلةٌ الى قلب الله
بقلم: زهير دعيم
كثيرًا ما نمتدح شخصًا عزيزَاً أو مُهمًا , فنقول له : يا طيًب القلب ،ويا صاحب القلب الكبير ،مُفسِّرين ذلك بأنّ قلبه ينبض حياةً ورحمةً ورأفة، وأنّ الأحاسيس الجيّاشة المُرهفة تتدفق من هذا القلب الطيّب .
قد نكون صادقين بعض الشيء ، وأقول بعض الشيء ،فطينة الإنسان مهما كان هذا الإنسان طيّبًا ، شريفًا ، عفيفًا ، تبقى مجبولةً بالخطيئة ، مُترعةً بالشهوات ، مُقيّدةً ومسوّرة بالأشواك الواخزة.
ولكنَّ الكتاب المُقدَّس يعلّمنا –وهو خير المُعلِّمين- أنّ القلب نجيسٌ ممتلئ بالشهوات ، يعجُّ بالأحاسيس المُظلمة والمشاعر التي لا تحبّ النور ، انّه منبعُ الخطيّة ، ومرتعٌ خصبٌ لها ، ولا تطهير لهذا القلب إلا الدم ، دم الحَمَل المسفوك على صليب الآلام في الجُلجثة ، فهذا الدم وحده قادر أنْ يُنقِّي ، وأنْ يُطهِّر ، وأنْ يبعثهُ جديدًا ، رقراقًا ،هادئًا ، عفيفًا ، وان حدَثَ وتعكَّرَ في يوم من الأيام ، يعود الدم الأزليّ ليطهِّرَهُ من جديد.
وهناك قلبٌ آخَر ، كبير ، يسع الدُّنيا والبشرية والطموحات والأحلام والملكوت، قلب الأب الأعظم ، قلب الذي ضحّى بولده الوحيد لأجل البشرية الخاطئة المُعذّبة ،...هذا القلب ينبضُ حياةً وحقًا وعدلاً وقداسةً .
أعرف هذا القلب وأراه بعين الإيمان ، يوم اعتصرَ حُزنًا وهو يرى جبلته الترابية تسوم ابنه الوحيد العذابَ والهوانَ والجَلَد ، أراه يعتصر حُزنًا ويصمت !!.
هل جرّبتَ أخي القارئ السياحةَ ، هل جُلتَ يومًا في أصقاع الأرض وبقاع الدُّنيا ؟ ..أليست السّياحة جميلة ، هادفة ، مُجدِّدة للقوّة ، مُنعِشة وممتعة ؟!
أراكَ تومئ برأسك وكأنك تقول نعم .
ولكنني اليوم ادعوكَ إلى سياحة أخرى ، مجّانية ، رائعة ، لا مشقةَ فيها ، سياحة في القلب الكبير ،... قلب الله !!
لقد سحتُ أنا وهمت في هذا القلب الكبير ، القلب الدافئ ، الرحراح ، المُقدَّس ، المُعطَّر ، جُسْتُ في ثناياه ، ولا أزالُ ، فصادفني هناك بشر كُثُر من كُلِّ وشعبٍ ولسان وأمّة ، والكُلُّ يُهلِّل ويُسبِّح ويُرنِّم ، والفرح يأخذ منه مأخذًا .
رحلة جميلة ، في قلب جميل ، رحلة تفتح أبوابها للجميع : للفقير والغنيّ ، والأسود والأبيض والأصفر ، رحلة مُمتعة لا تُكلِّفكَ شيئًا، فقط تعالَ إلى الصليب واسجدْ هناكَ ، واعترف ْ بربّهِ مُخلِّصًا ، وعندها ستُعيِّد الأحد المجيد ،وستدخُلُ الطمأنينة إلى قلبك ، فيرتاح ، ويهدأ كما الرضيع في حِضن امّهِ. ..أبانا السّماوي ، لأجل ابنك الغالي يسوع ، ضمّنا إلى صدركَ الكبير ، وأعطنا أنْ نعيش في قلبِكَ المُحِبّ ...قلبِ الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق